إن الدنيا هي رحلة لمحبة الآخرين، أما التأمل فهو رحلة روحية داخلية يُغرم كل واحد فيها بذاته الخاصة.. هو بحث المرء عن ذاته، ومعنى وجوده.. ليعرف نفسه ويتصل بربه..
مُنتهى المعرفة أن يعرف المرء نفسه.. ومن عرف نفسه عرف ربه... نفسي ثم نفسي ثم نفسي ثم أخي... وعندها ستحب نفسك الحقيقة... وكل نفْس.. لأننا جميعاً عائلة واحدة.. ومن روح واحدة...
فإذا لم تُشعل شمعتك في البداية لن تستطيع أن تشعل شمعة الآخرين.. ولكن حب النفس غير حب الأنا، إنه حب الأنا الكونية وليس الأنانية.. هو موت الأنا وكل ويلاتها وشرورها.. والاستماتة في خالق الأكوان.. لتتحرر روحك وتحلّق في الجنان...
حبة الرمل لا تعرف الصحراء الواسعة، ولكن الصحراء تعرف حبة الرمل جيداً، وعلى حبة الرمل الصغيرة أن تجتهد وتجاهد لتعرف نفسها ودورها.. وعندها ستفنى في الصحراء..
الحب الأول هو حب المرء لنفسه، ومنه تتولد كل أنواع الحب الأخرى لترفرف راية المحبة الصافية في كل نفس.. وعندها ستحب قريبك كنفسك..
يمكن أن تختبر ذلك:
اجلس تحت إحدى الأشجار.. أحب نفسك واعشقها للمرة الأولى.. انسَ أمر العالم كله.. وعش حال الحب والهيام والغرام مع ذاتك فحسب.. وعندما تقع بحب نفسك، اشعر بتفرّدك وتميّزك.. وابتهج بوجودك.. الآن وفي هذا المكان...
إن هذه الحقيقة وهذه الصحوة ما هي إلا ومضات خاطفة من الجنة والجلوة... يمكنك أن تستمتع بها قليلاً.. دع ذلك كله يتغلغل في مساماتك ويجري في عروقك... تناغم مع هذه الموسيقى الداخلية، واذهب معها بعيداً.. ارقص.. اضحك.. أو غني إنْ أردت..
ولكن تذكر أن تبقى سيد نفسك، ومركز ذاتك، تاركاً ينبوع السعادة يتدفق من أعماقك ليغمر كل ما حولك...